الأربعاء، 20 فبراير 2008

حرية العقيدة وخسارة مصر

في قضية محمد حجازي ،،
خسر حجازي ، وخسرت مصر ، وخسرت حرية الاعتقاد
وفاز المتشددون



بعد مرور سبعة أشهر على رفع قضية محمد حجازي الذي يطالب بتغيير خانة الديانة في أوراقة الثبوتية من الإسلام إلى المسيحية، حكمت محكمة القضاء الإداري برفض الدعوى ، لتغلق الباب "مؤقتا" على قضية ، كان الأبرز والأعلى صوتا بها المتشددين دينيا - مسيحيا وإسلاميا - ووجدتها بعض وسائل الإعلام مادة غنية تسهم في زيادة الإقبال عليها بغض النظر عن حساسية القضية التي تتجاوز بدرجة كبيرة الإطار المحكم الذي سعي المتشددين من الجانبين إلى تأطيرها به واختزالها لمجرد ارتداد ديني.

تحولت قضية محمد حجازي من قضية مواطن يسعى إلى أن تتضمن أورقة الثبوتية حقيقة ما يعتقده من عقيدة وقناعة دينية ‘ إلى قضية من هو محمد حجازي ، وخلفيته ، تصريحات ساخنة من المتشددين من الجانبين ، مادة غنية لشهرة البعض ، خبطات صحفية لصحفيين حسني وسيئ النية!.

ولم ينتبه العديدين لحقيقة هذه القضية التي تسلط الضوء على أوضاع حرية الاعتقاد في مصر.
فات العديدين – والعلمانيين ضمنهم – أهمية الدفاع عن حق أي مواطن ، ايا كان في حريته بأن يدين بدين ما أو لا يدين.
بعض المتشددين مسيحيا وجدوها فرصة للهجوم على الإسلام وإلصاق تهمة التشدد به.
بعض المتشددين إسلاميا وجدوها فرصة للهجوم على المسيحية ورفع الأحذية في قاعة المحكمة.
أغلب المؤسسات الحقوقية فضلت الصمت وعدم الاشتباك مع قضية شائكة.
وقفت الحكومة المصرية موقف المتفرج ، دون اتخاذ موقف محدد ، بما يسمح لها بالمزايدة على المسيحيين والمسلمين والعلمانيين مستقبلا.

في قضية حجازي كان قانون الأحوال المدنية واضحا ، يطلب من أي مواطن يرغب في تعديل مهنته أو ديانته أو عنوانه أن يتقدم بطلب لمصلحة الأحوال المدنية.
رغب حجازي في تصحيح خانة الديانة ، من مسلم –حيث ولد لأبوين مسلمين – إلى مسيحي ، حيث بلغ سن الرشد وأصبح قادرا على تحديد هويته الدينية. قامت الدنيا ولم تقعد ، لمجرد إعلان مواطن أنه يرغب في تصحيح خانة الديانة كما أوجب القانون ،بأن ينص في بطاقة المواطن على تحديد ديانته.
تغيير خانة الديانة من مسيحي إلى مسلم ، يتم بشكل شبه يومي ، ودون إجراءات معقده ، ودون لجوء للمحاكم ، ودون ضجة إعلامية ، فما الجديد في هذه القضية؟
الجديد هو أن طالب تغيير خانة الديانة هذه المرة هو مواطن مصري ولد مسلما ، ويرغب في تغيير خانة الديانة إلى مسيحي .

وطبقا لما ينادي به البعض أو يزعمه البعض الأخر من أن السماح بتغيير خانة الديانة من مسلم إلى مسيحي يهدد الوحدة الوطنية ، ويفتح باب الردة ، والإسلام لا يسمح بذلك، ويثير الفتنة والطائفية وهو ضد الإسلام و يهدد انتشاره ووووووو!.

ونحن بدورنا نسأل ، ماذا يضير الإسلام أو ينقصه من انسحاب مواطن منه لدين أخر ، بل ماذا يضيره أن ينسحب منه مليون مواطن ؟ وهل في مصلحة الإسلام ان يحسب عليه مواطنون لا يدينون به؟
هل انسحاب مواطن من الإسلام للمسيحية أو العكس سوف يزيد أو يضعف من هذا الدين أو ذاك؟
وأيهما يهدد الوحدة الوطنية ، هل إجبار مواطن على أن يدون بخانة البطاقة ديانة مختلفة أو أن يدون بالفعل ما يعتقده؟

وهل الدستور المصري حين نص على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع ، يعني أنه دستور للمسلمين فقط؟ هل نعلى من شأن الدستور حين نكره شخص على أن يتنازل عن حقه في اعتناق أي دين يراه؟
وماذا عن شخص ولد لأبوين مسلمين ، فتم قيده مسلما ، وحين استطاع التمييز وأصبح قادر على أن يقرر لنفسه اختار أن يكون بلا دين أو يعتنق ديانة أخرى؟
هل حرية الاعتقاد تعني اتجاه واحد من المسيحية أو اليهودية إلى الإسلام ، دون العكس؟

إن حرية الاعتقاد هي حرية الاعتقاد ، حرية أن يختار الشخص دينه وعقيدته بشكل حر ، ودن قيود وفي أي اتجاه. إن ما يهدد دولة أو مجتمع هو أن يسلب من الشخص حقه في ان يجهر بما يراه و يعتقده وأن يدون حقيقة اعتقاده في أوراقة الشخصية ، طالما اشترط القانون ذلك.
إن ما يهدد الوحدة الوطنية لمجتمع هو سيطرة المفاهيم المتشددة عليه.
إن الخطر على أي مجتمع هو رجال الدين الذين يكيفون الوضع ويفتون بما يرضي الحاكم.
إن الخطر على أي مجتمع هو إمساك حكومتها للعصا من المنتصف دون تحديد معايير المواطنة بشكل واضح ودون مزايدة أو خوف من الأفكار المتشددة السائدة .

الحكومة المصرية لا ترضي أحدا بمزايدتها على الجميع ، علمانيين ، مسيحيين ، مسلمين ، بهائيين أو غيرهم ،
وقت الحكومة التي لا تتورع عن ارتداء أي عباءة لكي تزايد على أي فئة قد ولى ولم يعد له رجعة.
فإما أن تعلن الدولة أنها دولة إسلامية ، ولا مكان للمسيحيين أو العلمانيين أو البهائيين فيها ، وأن معايير المواطنة تتحدد طبقا لديانة الشخص.
وإما أن تعلن أن على رجال الدين أن يعودوا إلى قواعدهم وأنها دولة لكل المصريين باختلاف عقائدهم وانتماءاتهم ، وليخبط المتشددين رؤوسهم بالحائط ، ليتم إغلاق باب واسع تنفذ منه الطائفية والتمييز .

الخيار الثالث الذي تتبعه الحكومة المصرية والمطبق حاليا ، وهو ترك الأمور على ما هي عليه ، سوف يفاقم الأوضاع ويزيدها سوءا ، وسوف تصبح هي أولى ضحاياه ، على صعيد تنامي مناخ التشدد والمزايدة وسوء السمعة.
وأضعف الإيمان في خيار العلمانية الذي يضع الأمور في نصابها ويجعل مصر لكل المصريين هو إلغاء خانة الديانة تماما من الأوراق الثبوتية للمصريين.

جمال عيد
محامي

هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

اعتناق اى انسان اى اى دين هو بمسابة حرية شخصية وليس اجبار انسان على اعتناق دين بعينة لان الدين من عند الله

غير معرف يقول...

لاى انسان حرية الاعتقاد دون النظر للجنس او اللون او العقيدة