الأربعاء، 2 يوليو 2008

التوتر الطائفى تجاوز حدود الامان فى مصر والتمييز قائم فى التعليم

2 يوليو، 2008

التوتر الطائفي تجاوز حدود الأمان في مصر والتمييز قائم في التعليم والوظائف ومؤيد بالدستور والقانون
ندوة فكرية بالقاهرة تساءلت:
ماذا بعد تآكل الفضاء السياسي العام واشتعال التوترات الطائفية؟
القاهرة ـ القدس العربي ـ
من محمود قرني:
اعترف الدكتور سمير مرقص رئيس مجلس أمناء مؤسسة المصري للمواطنة والحوار أن قضية التوتر الطائفي في مصر تجاوزت حد الأمان المسموح به في مثل تلك القضايا، وأشار الي أننا عندما تتحدث عن التوتر الطائفي فنحن نتحدث عن توترات عمرها تجاوز أربعين عاما منذ حادثة الخانكة عام 1970، وهو نفسه التاريخ الذي يؤكد الدكتور محمد نور فرحات أستاذ تاريخ القانون وفلسفته أن مصر بدأت فيه تفككها علي يد الرئيس السادات الذي أعلي من شأن المرجعية الدينية، والذي عدل الدستور ليجعل الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع وليست احد مصادره. وكان مركز القاهرة لحقوق الانسان قد استضاف في صالون ابن رشد الذي ينعقد شهريا ندوة تحت عنوان مستقبل الأقباط في مصر ، في ضوء الأحداث الطائفية المتوالية، وقد تغيبت عن الندوة الدكتورة جورجيت قلليني عضو مجلس الشعب عن الحزب الوطني وعضو المجلس القومي لحقوق الانسان، والتي كان قد سبق لها أن اتهمت أجهزة الأمن بالتواطؤ مع المعتدين علي دير أبو فانا في المنيا في الشهر الماضي. وقد أدار الندوة الحقوقي ومدير مركز القاهرة بهي الدين حسن الذي أشار في البداية الي أن حادث دير أبو فانا لم يكن الأول من نوعه ضد الأقباط المصريين في الفترة الأخيرة، فهناك اعتداءات الإسكندرية والزيتون والفيوم، وأشار إلي أن توالي هذه الأحداث دفع الي العديد من السجالات السياسية، وأشار الي ان أخطر ما في احداث دير ابو فانا بالمنيا أننا نري لأول مرة الأفراد وقد أخذوا علي عاتقهم مهمة إنفاذ القانون، وبالتالي فإن الدولة مواجهة بعدد من الأسئلة أولها كيفية فهمها للملف المدني الطائفي والأسئلة التي يطرحها، رغم أن المجتمع المدني ومؤسساته طرح عشرات الحلول التي لم ينفذ منها شيء. ثم تحدث الدكتور سمير مرقص الباحث والكاتب السياسي وقال: نحن نتحدث عن توترات طائفية عمرها أربعون سنة، منذ حادثة الخانكة عام 1970، وهذا معناه أن الاحتقان استمر لأربعة عقود، وأضاف مرقص: اننا بالفعل تجاوزنا حد الأمان في قضية التوتر الطائفي، لذلك لا يجب علينا أن نستغرق في تفاصيل صغيرة، فهناك حديث لدي القوي الكبري عن اعادة صياغة المنطقة والعودة للهويات وأكد مرقص انه دائما ما كان يراهن علي طبيعة الشخصية المصرية التي كان بإمكانها المقاومة دائما، وأري أن كل الأطراف مسئولة عن الأزمة الراهنة والمفتاح الرئيسي في هذا الأمر هو إعادة الاحترام لما يسمي بالمجال العام أو مكان لقاء البشر المختلفين وليس المتماثلين، فالمجال العام في مصر حتي عام 1952 كان قادرا علي ايجاد تفاعل قادر علي استيعاب هذه التوترات وكان الأقباط منخرطين في العمل السياسي والمسلمون كذلك، فالمجال العام كان قادرا علي تصحيح الاحتقانات، وما حدث في مصر بعد ثورة تموز/ يوليو اصبح المجال العام فيه مؤمنا سياسيا، وفي مرحلة تالية مع بداية ظهور الجماعات الإسلامية ثم التعامل مع الأقباط باعتبارهم حالة دينية، وهو الأمر الذي صعد من أهمية الهوية المنفردة وهو بدوره ما أدي الي العنف كبديل للحوار. وأضاف سمير مرقص ان النتيجة هي أن كل جماعة تطلب امتيازات لتنعزل، فهناك جماعة الإخوان المسلمين التي تحاول فرض شروطها علي الجماعة السياسية، وكان موقفهم في البداية ضد الأقباط وكان حسن البنا يقول إنه يجوز أن تتم الاستعانة ببعض الأقباط في الوظائف والأعمال من غير الولاية العامة عند الاقتضاء وهو ما يعني ان الأقباط كانوا خارج المعادلة المجتمعية بالمطلق، الآن تحسن الوضع شيئا ما في برنامج الإخوان حيث منعوا علي الأقباط فقط مناصب الولاية العامة لكن الوضع بشكل عام ليس مثاليا. وأكد مرقص في نهاية حديثه ان طلب الامتيازات من الجماعات السياسية والحصول عليها يعني تكريس العزلة والنفي والاستبعاد والتقسيم التاريخي، ولم يستبعد مرقص وصول مصر الي اوضاع سيئة لا تقل خطورة عن الوضع العراقي أو اللبناني مع حفظ الفوارق. أما الدكتور منير مجاهد أحد مؤسسي حركة مصرية ضد التمييز الديني وأستاذ الطاقة الذرية فقد بدأ حديثه بالتأكيد علي أن مستقبل الأقباط لا ينفصل عن مستقبل المسلمين ومستقبل مصر بشكل عام، وقال اننا إذا لم نتجاوز المشكلة الطائفية ستتمزق مصر وتتمزق معها المنطقة، وقدم منير مجاهد عددا من الاستخلاصات والنتائج التي وصل إليها عبر عدد من الأحداث الأخيرة، أولي هذه النتائج وجود تمييز فعلي علي المستويين القانوني والدستوري بين الاقباط والمسلمين ودلل علي ذلك بالمادة الثانية من الدستور التي تنص علي أن الإسلام هو المصدر الرئيسي للتشريع، وهو ما يعني بالنسبة له الاعتراف بوجود مواطنين من الدرجة الأولي ومواطنين من الدرجة الثانية، كذلك تقوم التفرقة في قوانين إنشاء وصيانة دور العبادة حيث لا زالت هذه المسألة محكومة بالخط الهمايوني العثماني، وأضاف ان هناك تمييزا في التعليم حيث سيطر الاتجاه السلفي علي العملية التعليمية وتوسعت دروس اللغة العربية بشكل إجباري وهي تحوي نصوصا دينية مفروضة علي المسلمين وغير المسلمين، والنتيجة هي ان الجيل الجديد جاء اكثر تعصبا من الاجيال القديمة، وأضاف ان هناك تمييزا في التوظف وهناك دراسات واسعة حول ذلك، ولدينا الادلة بالأرقام في القضاء والنيابة الإدارية والشرطة والجامعات والإعلام وغيرها، وهو في رأي مجاهد ما أدي إلي شيوع مناخ هستيري يعمل علي تذكية العداء للمسيحيين، وأشار مجاهد في نهاية حديثه الي ان الوضع الحالي يعني وجود أزمة سياسية كبيرة تظهر تجلياتها عبر هذه السياسات التمييزية. أما الدكتور محمد نور فرحات استاذ تاريخ القانون فقد أكد أن المسألة القانونية ليست أكثر المسائل أهمية في التوترات القائمة حاليا وأحدها التوتر الطائفي، وقال ان المجتمع السوي الناضج الصحي الخالي من التوترات والمشاكل تكون فيه الدولة قوية ومحايدة تجاه كل الفئات وقادرة علي فرض هذا الحياد بقوة القانون، وقد قال هذا الرأي منظرو الرأسمالية في القرن الثامن عشر، وذكر نور فرحات ان جون ديوي قال: إن الدولة تضع حدودا علي الجانبين حتي لا يطغي النهر ويفيض، وأضاف فرحات أن حياد الدولة يقوم علي حد أدني من الولاء للمواطنين علي أسس المساواة والعدل والحرية، وما يقوله الماركسيون عن انحياز الدولة للطبقة صحيح إلي حد كبير ولكن بصرف النظر عن ذلك فإن الدولة في العالم العربي فهناك توجه منذ عدة عقود للعمل بدأب علي الارتداد إلي فكرة ما قبل الدولة القومية الحديثة. وقال نور فرحات ان ما يحدث الآن ولأول مرة في التاريخ المصري هو ردة من الفضاء العام الي الفضاء الخاص، وهذا بدأ مع السادات الذي أعاد مفهوم الدولة غير المكترثة، وعادت الي الجماعة فكرة الثقافة الدينية وتسيطر الجماعات السلفية علي كل شيء بما في ذلك الجامعات، وبدلا من أن يعتصم الأقباط بالقضاء يعتصمون في الكنائس وكذلك التيارات السلفية، وأضاف ان هناك عملية تديين سلغية للمجتمع حيث يتم رد كل القضايا الاجتماعية إلي الدين وهو خطاب يستخرج من السلف ما يورث قيم التعصب.

ليست هناك تعليقات: