الاثنين، 14 يوليو 2008

ندوة من اجل قانون لتجريم التميز

يوليو 14، 2008

في ندوة من أجل قانون لتجريم التمييز في مصرالدولة تصنع التمييز وحان الوقت لإقرار قانون تكافؤ الفرص
متابعة : إسحق إبراهيم
اتفق المشاركون في ندوة "من أجل قانون لتجريم التمييز في مصر" التي نظمتها مجموعة "مصريون ضد التمييز الديني" بضرورة المضي قدماً والضغط من أجل إقرار قانون لتكافؤ الفرص وحظر التمييز بين المواطنين، تحدثت في الندوة الأستاذة منى ذو الفقار المحامية وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان مؤكدة أنَّه حان الوقت لصدور هذا القانون في ظل الفجوات بين الأغنياء والفقراء والتمييز الذي يقع الأقباط والمرأة وأهل النوبة وغيرهم، بينما اتهم الأستاذ بهي الدين حسن مدير مركز القاهرة لحقوق الإنسان الدولة وأكد في مداخلته أنَّها تصنع التمييز بالأخص في ظل وجود التشريعات التي تقنن للتمييز. قالت الدكتورة منى:" الدستور المصري في مادته الأولى ينص على مبدأ المواطنة باعتباره الأساس الذي يقوم عليه نظام الدولة المصرية، ويرتكز مبدأ المواطنة في جانبه القانوني على مبدأين أساسيين، هما تكافؤ الفرص والذي لم تكتف المادة 8 من الدستور بإقراره كمبدأ دستوري وإنَّما ألزمت الدولة بضمان تحقيقه لجميع المواطنين، والمبدأ الثاني هو المساواة أمام القانون وفي جميع الحقوق والواجبات العامة والذي أقرته المادة 40 من الدستور، لكن الدستور يتحدث عن مبادئ عامة ولم يحدد ماذا يعني تكافؤ الفرص كالتزامات تفصيلية محددة إذا خالفها الفرد أو المؤسسة يتعرض لعقاب. كما أنَّ هناك مساحة شاسعة بين النصوص الواردة في الدستور والتشريعات، وما يشهد به الواقع من قصور شديد في تطبيق القانون من ناحية، وعدم فعالية إجراءات الانتصاف عن طريق القضاء من ناحية أخرى، مما ترتب عليه تراجع في احترام سيادة القانون وزيادة كبيرة في ظواهر العنف والبلطجة والتطرف بوجه عام والعنف الطائفي أو الديني بوجه خاص. وساد شعور عام بالإحباط والظلم، خاصة فيما بين شرائح من شباب مصر اتجهت- للأسف الشديد- لإعلان شعورها بعدم الانتماء وعدم الولاء للوطن لدرجة قبول مخاطر الموت غرقاً هروباً من الإحباط واليأس. أكدت الأستاذة منى ذو الفقار، أنَّ مشروع القانون يهدف لوضع قواعد تشريعية مفصلة تحدد التزامات كافة مؤسسات الدولة العامة والخاصة، فيما يتعلق باحترام مبادئ تكافؤ الفرص وحظر التمييز بين المواطنين، ووضع العقوبات المناسبة لمخالفتها، وذلك على وجه الخصوص في مجالات العمل والتوظف وتولي الوظائف العامة والترقي والتدريب والتأهيل والتعليم وغير ذلك من المجالات، وإنشاء آليات مؤسسية لمراقبة تنفيذ القانون، سواء على نحو إيجابي بإلزام مؤسسات الدولة العامة والخاصة بوضع وتنفيذ خطة لتحقيق هذه المبادئ على أرض الواقع، أو سلباً بكشف المخالفات واتخاذ الإجراءات الرادعة لوقفها والحصول على التعويض لضحاياها. وكذلك وضع نظام إجرائي يسمح بالحصول على أوامر وقتية بوقف الانتهاكات بسرعة وضمانات الانتصاف والعدالة لضحايا الانتهاكات، ودعم ونشر ثقافة المساواة وعدم التمييز بين المواطنين ومبدأ تكافؤ الفرص من خلال التوعية بالحقوق التي يؤكدها القانون ودعم تطبيقه، وكذلك من خلال المؤسسات التعليمية والثقافية والإعلامية. حول تعريف التمييز قالت ذو الفقار:" تعريف التمييز بين المواطنين الذي يحظره القانون بأنَّه التمييز المباشر أو غير المباشر بين المواطنين، فيما يتعلق بممارستهم لأي حق من حقوقهم الدستورية أو القانونية قبل الأجهزة الحكومية أو أي شخص عام أو خاص، والذي يقوم على أساس الجنس أو اللغة أو الأصل أو الدين أو العقيدة أو المكانة الاجتماعية أو الظروف الصحية، وخاصة الإعاقة، دون أن يستند لمعايير موضوعية مشروعة ، ويجب أن تلتزم كافة مؤسسات الدولة العامة والخاصة، بما في ذلك- دون حصر- النقابات المهنية والأحزاب السياسية والجمعيات الأهلية، بتطبيق أحكام هذا القانون في كافة تعاملاتها مع المواطنين سواء كعاملين أو متقدمين للعمل، أو شاغلين للوظائف العامة أو متقدمين لشغلها أو مقدمين للخدمات أو متلقين لها أو موردين للسلع أو مشترين لها، أو متقدمين للعضوية أو للحصول على التراخيص المهنية، أو غير ذلك من التعاملات. واقترحت ذو الفقار وجود آليات الرقابة على تنفيذ القانون ومسئولية المخالفين منها نظام المفوض العام لتكافؤ الفرص ومكافحة التمييز ولجنة تكافؤ الفرص ومكافحة التمييز وطالبت بإنشاء لجنة لتكافؤ الفرص ومكافحة التمييز يرأسها مفوض عام ويكون من بين أعضائها نائباً للمفوض العام يختص بالعمل على حسن تطبيق القانون ومراقبة تنفيذه وممارسة اختصاصاته وفقا للقانون، ونظام الأمبودسمان ووكلائه عرفته العديد من الدول لاسيما الدول الاسكندينافية وتطبقه المملكة المتحدة واستراليا تحت مسمى المفوض البرلماني، كما أنَّه يطبق في تونس والمغرب تحت مسمى الموفق الإداري باختصاصات أقرب إلى اختصاصات ديوان المظالم، وإن اختلفت الاختصاصات في كل من هذه الأنظمة. وقد يكون من الأوفق أن ينشأ هذا النظام في إطار المجلس القومي لحقوق الإنسان بحيث يكون المفوض العام أحد أعضائه المتفرغين لهذه المسئولية ويرأس بهذه الصفة لجنة خاصة جديدة تنشأ وفقاً لقانون تكافؤ الفرص وحظر التمييز". حول اختصاصات المفوض العام لتكافؤ الفرص قالت: "بموجب طلب كتابي من المفوض العام، تلتزم أي مؤسسة عامة أو خاصة من مؤسسات الدولة بتقديم تقرير أو معلومات عن أنشطتها بغرض متابعة وتقييم مدى التزامها بتنفيذ أحكام القانون أو في شأن أي تحقيقات يجريها المفوض العام، ولا يسري هذا الالتزام بالنسبة للمعلومات السرية التي لا يجوز إفشاؤها طبقا للقانون أو المعلومات السرية المتعلقة بالأمن القومي. والسماح بمناسبة أي شكاوى مقدمة أو أي انتهاكات مبلغة لأي من المفوضين المحققين، بموجب طلب كتابي من المفوض العام، بتفقد أماكن العمل وغير ذلك في إطار متطلبات التحقيق، وإجراء التحقيقات في الشكاوى المقدمة أو المخالفات التي ترتكب ضد القانون أو لمتابعة مدى التزام أي مؤسسة بتعهداتها أو الخطة التي وضعتها لعلاج الخلل المتعلق بتطبيقها لأحكام القانون، وتجري التحقيقات بمعرفة المفوضين المحققين أو أي من وكلائهم وفقاً لإجراءات يحددها القانون، على حسب الأحوال. وللجنة حق المبادرة بإجراء التحقيق لتقييم مدى التزام أي مؤسسة عامة بأحكام القانون وإصدار تقرير في هذا الشأن في حالة الالتزام أو الإخطار بوقوع المخالفة واتخاذ الإجراءات المناسبة، وفقاً للقانون. وللمفوض المحقق اتخاذ قرار بناء على التحقيق في شأن وقوع المخالفة للقانون، على أن يراعي قبل إصدار القرار، إرسال مشروع التقرير للشخص المشكو في حقه وإعطائه فرصة للرد كتابة خلال مدة محددة لا تقل عن أسبوعين. ويمكن للمفوض العام، إبرام عقود التصالح مع الأطراف التي يجرى في شأنها التحقيق بمناسبة أي مخالفة للقانون، يتعهد بموجبها المشكو في حقه بوضع وتنفيذ خطة لتنفيذ القانون ومنع وقوع مخالفات في المستقبل، كما يتعهد المفوض العام بموجبه بعدم اتخاذ إجراءات قضائية ضده في هذا الشأن، ولا يعتبر توقيع المشكو في حقه على العقد اعتراف منه بوقوع المخالفة.واختتمت ذو الفقار مداخلتها متسائلة لماذا الآن؟ وأجابت: " الفجوات تزيد بين الغنى والفقير في المجتمع المصري، وبين أصحاب النفوذ والمواطن العادي، وأصبحت سيادة القانون مسألة محل نظر، نحن نعاني من تمييز ديني واضح، ولم تعد الحلول التقليدية وعدم المحاسبة على الأخطاء تنفع، بل تعمل على استمرار الأزمات لأنَّه لا يوجد عقاب للجاني، خاصة في ظل زيادة التطرف الديني، المناخ العام يقول أنَّه آن الأوان لمواجهة هذه المشكلات ووضع حلول لها، المعركة تجعل الناس تغير أفكارها وهي عملية طويلة وتحتاج لوقت". أشار بهي الدين حسن مدير مركز القاهرة إلى أنَّ هناك فجوة بين المنطلقات التي قدمتها الورقة وبين إمكانية تحقيق هذه الأهداف أو مواجهة أسباب التمييز الديني كما توجد فجوة أخرى مرتبطة بطبيعة المصادر والتشريعات الغربية التي جرى الرجوع إليها وهي قوانين مناهضة التمييز في الدول المتقدمة التي ليس لديها مشكلات على مستوى المؤسسات، ولا توجد ممارسات تمييزية منتظمة بينما القوانين المصرية بها نصوص مخالفة للدستور وتتضمن تمييز صريح. وقال: "الصانع الأول للتمييز هي الدولة، بعض القوانين تشرع للتمييز، والمشروع المقدم لا يلتفت بالقدر الكاف إلى مسئولية الدولة، يوجد تمييز جماعي ضد مناطق معينة مثل الصعيد والنوبة ووضعها في خريطة التنمية، وهناك تمييز ضد الفقراء وعدم قدرتهم على الالتحاق بالعمل في القضاء والشرطة و الجيش والسلك الدبلوماسي، ويوجد تمييز جماعي ضد الأقباط في بناء دور العبادة والتعليم والإعلام وتولى المناصب العليا، ويحدث تمييز في المؤسسات الأمنية ضد الشيعة والسنة المخالفين لتصورات مؤسسة الأزهر." اقترح حسن وجود مراجعة لتعريف التمييز وأن يعرف بالحرمان الكلي أو الجزئي المباشر وغير المباشر لمواطن أو أكثر من الحقوق المنصوص عليها في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان لأسباب تتصل بالجنس أو العقيدة أو النوع أو الدين. طالب حسام بهجت مدير مركز المبادرة للحقوق الشخصية بضرورة استغلال تعديلات تشريعية حدثت في الفترة الأخيرة مثل تجريم الدعوة للتمييز التي تضمنها قانون العقوبات، هناك مئات المقالات تدعو إلى التمييز ضد الأقباط، لماذا لا يتم التعامل معها؟!! وأبدى المهندس حسن خليل عضو مؤسس في- مصريون ضد التمييز الديني- عدة ملاحظات منها:" في أحداث العنف الطائفي ضد المسيحيين الآن يتم الحل عن طريق تبويس اللحى وهو الأسلوب الذي يترك الجاني دون عقاب، ورغم ذلك فهذا الأسلوب له مميزاته وأبرزها تهدئة الخواطر خاصة حينما يكون الطرفين أقرب للتعادل، ما أريد أن أصل له هو أنني أتصور أنَّ قانون من هذا النوع لابد أن يحتوي على مادة متعلقة بالصلح بين الجاني والمجني عليه وضوابط لهذه العملية، بعيداً عن الأمن فمثلاً ربما لا يرغب كل مسيحي أسيء إلى ابنه أو ابنته في المدرسة بسبب الديانة أن يكون هناك عقاب لأنَّ الابن أو الابنة سيستمر في المدرسة إلخ، وربما لا يرغب مسلم تعرض لاضطهاد بسبب آراءه الدينية أن يكون هناك عقاب فيجب فتح الباب للصلح بشكل ما. وأيضاً بسبب أنَّ هذا النوع من الجرائم، من الصعب جداً إثباته مثلاً حينما يتعلق الأمر بتعيين المعيدين أو ما أشبه يجب أن يركز القانون على الوقاية لأنَّها خير من العلاج، وثمة طرق محددة للوقاية ومن بينها الترخيص، والمقصود هنا هو ترخيص مؤسسة ما بأنَّها لا تمارس التمييز من قبل مجلس حقوق الإنسان بعد مراجعة سجلاتها إلخ.... وهذه الرخصة لها قيمة معنوية، وربما مادية في وقت لاحق، فأتصور أن يحتوي القانون على آلية مشابهة لموضوع "علامة الجودة" متعلقة بالتمييز الديني، فيقوم مجلس حقوق الإنسان بالمبادرة بدعوة الجامعات مثلاً لترخيص نفسها باعتبارها جامعات لا تمييزية من خلال مراجعة سجلاتها وهذه المراجعة العامة هي الأسهل في البرهنة على التمييز. مثلاً جامعة أسيوط، مقارنة نسبة المسيحيين في صفوف أعضائها ونسبتهم في أسيوط سيكشف مباشرة عن التمييز المتعذر البرهنة عليه بشكل فردي. وفي مثل هذه الحالة لا تعطى الجامعة رخصة حتى يتحسن الموقف. وفي مداخلة مكتوبة، اقترح الدكتور حسام سعد الدين عضو مؤسس للحركة ومقيم في بريطانيا، أن يضاف إلى هذا المشروع تعريف آخر للتمييز وهو التمييز بالإيذاء، ويقصد به معاقبة شخص لاتخاذه موقف ما، وطالب بوضع أهداف وآليات خطة لمناهضة التمييز في المؤسسات المختلفة بحيث تكون كل الشركات ملزمة بدون استثناء بأن تعد خطة مكتوبة يتم التحقق منها والتفتيش عليها، تتضمن الكيفية التي سيتم بها منع التمييز العرقي أو الديني بها، وهذه الخطة معلنة ويجري محاسبة المؤسسة على أساسها، وأن تضع هذه المؤسسات سياسة تفصيلية مكتوبة لتنفيذ هذه الأهداف، وهي مطالبة أيضاً بتوفير البيانات والإحصاءات الدالة على تنفيذ هذه السياسات، مثل: · كم شخصاً تقدم للتعيين في كل وظيفة معلن عنها؟ · وما هي دياناتهم وأصلهم العرقي أو الجنسي؟ · وكم من هؤلاء تم تعيينهم بالفعل؟ · وما هي أسباب تعيينهم؟ وأضاف حسام سعد الدين: "عند وضع سياسات لمناهضة التمييز لا يكتف بالعموميات، ولكن يجب أن تتضمن خطة منع التمييز العرقي والديني قائمة بالأعمال التي يمكن أن تؤدي إلى تفرقة، وكيفية متابعة هذه الخطة، وأين ستنشر نتائج الخطة، وكيفية تدريب الموظفين على تنفيذ الخطة، ثم فحص ومتابعة الإحصاءات المختلفة، وكل مؤسسة مطالبة بمراجعة خطتها لمنع التمييز العرقي والديني كل ثلاث سنوات، ويضاف إلى هذا الالتزام مراقبة نسبة من تم تعيينهم وتدريبهم وترقيتهم على أساس من الجنس أو الديانة".

ليست هناك تعليقات: