الأحد، 25 مايو 2008

حوارات مهدي عاكف وميليشيات الإخوان المسلمين العسكرية (1)


حوارات مهدي عاكف وميليشيات الإخوان المسلمين العسكرية (1)
25/05/2008 -

بقلم إسحق إبراهيم
في كل مرة يتحدث فيها السيد مهدي عاكف المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين إلى وسائل الإعلام يطرح علامات استفهام، ويثير شكوكاً كثيرة حول فكر الجماعة كما يزيد في نفس الوقت من مخاوف القوى السياسية المعتدلة بالإضافة إلى الأقباط من استغلال الجماعة لتدين المجتمع لاكتساب أرضية جديدة بين أوساط البسطاء والشباب خاصة في ظل استخدام جماعة الإخوان المسلمين لخطاب يلبي احتياجات هذه الفئات المطحونة. أجرى موقع إيلاف حواراً مع مرشد الإخوان المسلمين جاءت إجاباته مقتضبة، وتعكس الرسالة التي يريد إيصالها للمجتمع لاسيما أن مكتب الإرشاد يراجع هذه الحوارات قبل نشرها منذ واقعة "طظ في مصر وأبو مصر"، طرح المحاور عدة أسئلة حول الأقباط وهمومهم ورؤية الجماعة للمواطنة وكالعادة جاءت الإجابات عامة، وتضفي مزيد من الغموض، وهو يرى أنه لا يوجد تمييز ديني في مصر وأن بناء الكنائس سيتم وفق القانون حسب عدد السكان وأنه يميل إلى أن لا يتولى قبطي منصب رئيس الجمهورية، لكن الحكم في النهاية للشعب، وهذه الآراء في مجملها ليس جديدة عن الجماعة وفكرها والتي تقدم خطابين للمجتمع، الأول مزركش لمخاطبة ود التيارات والقوى المختلفة مع الجماعة والتي تعلن عن مخاوفها من وصول التيارات الدينية إلى الحكم، والخطاب الآخر متشدد يعبر عن فكر الجماعة التاريخي وميراثها المتشدد والذي ما زال يحكم توجهات قادة الجماعة. أما الجديد هذه المرة كان رأي السيد عاكف في تنظيم القاعدة والحوادث الإرهابية التي يرتكبها، فمن المرات القليلة التي تعلن الجماعة رأيها بوضوح ودون مواربة. أجاب عاكف بأن أسامة بن لادن بكل تأكيد مجاهد، وأنه لا يشك في صدقه في مقاومة الاحتلال، تقرباً إلى الله عز وجل. وعندما سأل المحاور بأن هناك تصريح سابق للمرشد بأن ابن لادن صناعة أمريكية أجاب عاكف: "الاسم صناعة أميركية، لكن القاعدة كفكر وتنظيم أتى من الظلم والفساد". وعندما سأل المحاور: "إذاً هل تؤيد نشاط القاعدة؟ وإلى أي مدى؟" كانت أجابة عاكف: "نعم، أؤيد نشاطها ضد المحتل وليس ضد الشعوب". قالها مرشد جماعة الإخوان المسلمين صراحة أنه يؤيد تنظيم القاعدة وما يفعله من قتل للأبرياء واستيلاء على أملاكهم، إنها من المرات القلائل التي يتسق مرشد الإخوان مع فكر الجماعة ومع نفسه ويقول الحقيقة، وتثير هذه التصريحات مرة أخرى التساؤل حول الجهاز السرى للجماعة ووجود ميلشيات عسكرية لديها بانتظار اللحظة الفاصلة للانقضاض على المجتمع، وهو الأمر الذي أشار إليه عماد طه أحد أعضاء الجماعة المنسحبين منها والذي أكد على وجود تنظيمات تتلقى تدريبات شبه عسكرية بمصر وعسكرية بالعراق وفلسطين. يستند المتخوفون من صعود الإخوان إلى امتلاك الجماعة لتاريخ أقل ما يوصف به أنه أسود ويتضمن أحداث قتل وبلطجة وتنظيم عسكري سري، وما زال الإخوان المسلمين يستندون إلى فقهاء التطرف في أفكارهم وهم يركزون على ابن تيمية والمودودي وسيد قطب وغيرهم من شيوخ الإرهاب، ولم تعلن الجماعة رفضها لهذه المعتقدات والأفكار ولم تقدم اعتذاراً للشعب المصري عن جرائم القتل التي ارتكبها أعضاء الجماعة أو التي تمت بمباركتها، وهذا يعني أن الجماعة ما زالت مقتنعة بالفتاوى القديمة وبالأساليب السابقة. أعلنت الجماعة كثيراً ومنذ تأسيسها أنها لا تملك ميلشيات مسلحة، ونفت وجود جهاز سري ينفذ العمليات الإرهابية ضد المصريين، واتهمت البوليس بتلفيق هذه التهم بالرغم من الشواهد التاريخية التي تؤكد على وجود للجهاز الذي أعلن عن اكتشافه في يناير 1948 بمحض الصدفة حيث ضبط البوليس مجموعة من الشباب تتدرب سراً على السلاح بالمقطم وأنه بمداهمة المجموعة التي قاومت لبعض الوقت تم ضبط 165 قنبلة ومجموعات من الأسلحة وتبين أنهم أعضاء للجماعة، وأعلن المرشد وقتها أن هولاء الشباب سيذهبون إلى فلسطين لمحاربة اليهود!! وفي 22 مارس 1948 قتل شابان المستشار أحمد بك الخازندار بسبب إصداره حكم قاسياً على عضو بالجماعة ويكتشف البوليس العلاقة بين الشابين والتنظيم السري للجماعة، وتضمنت مذكرة عبد الرحمن عمار المرفوعة إلى مجلس الوزراء لحل الجماعة 13 تهمة من أبرزها: إن الجماعة تعد للإطاحة بنظام الحكم عن طريق الإرهاب مستخدمة تشكيلات مدربة عسكرياً، وحيازة أسلحة ومفرقعات ومتفجرات، ونسف فندق الملك جورج بالإسماعيلية، ونسف العديد من المنشآت التجارية لليهود وإرهاب أصحاب المنشات التجارية وتهديدهم للحصول على تبرعات واشتراكات مدفوعة مقدمة للجماعة، وبناء على هذه المذكرة أصدر محمود فهمي النقراشي قراراً عسكرياً بحل الجماعة في 28 ديسمبر 1948 وعلى إثرها تم اغتيال النقراشي باشا. لم يستطيع بعض قادة الإرهاب -لأن القتل والإرهاب يعد من المسلمات التي قامت عليها الجماعة- أن يأخذوا بمبدأ التقية التي تطبقه الجماعة طويلاً، وسرعان ما دخل رجال الإرهاب الإخواني القدامى في منافسة عند كتابة مذاكراتهم في محاولة نسب أكبر قدر من الإرهاب والقتل إليهم، وكانت مذكرات صلاح شادي وأحمد عادل كمال وعبد المنعم عبد الرؤوف تمجد الفعل الإرهابي مؤكدين انتسابهم إلى الجهاز السري والتزامهم بصياغته وأهدافه. وجاء في كتاب "النقط فوق الحروف" لأحمد عادل كمال أن جماعة بدون عنف.. تهريج، أما محمود عبد الحليم في مؤلفه "الإخوان المسلمين أحداث صنعت تاريخ" يؤكد أن رئيس الجهاز السري عبد الرحمن السندي هو الذي دبر قتل نائبه سيد فايز وغيرها من المواقف التي يسردها هولاء القيادات حول الهجوم على محلات ومنازل اليهود وتدبير حادثة المنصة ضد الرئيس جمال عبد الناصر. الخلاصة أن الجهاز السري كان علامة مميزة للجماعة، وهو الذي مارس عمليات الإرهاب والقتل، وتدرج الفكر التنظيمي لحسن البنا -كما ورد في كتاب التأسلم السياسي نموذج الإخوان المسلمين للدكتور رفعت السعيد رئيس حزب التجمع- في سلاسة، فبدأ بالجوالة بهدف تعويد الإخوان على النظام شبه العسكري وتعويدهم على الطاعة التامة والتفاني، ثم كانت كتائب أنصار الله وهي مجموعات تضم كل منها أربعين عضواً من الأعضاء النشطين في الجماعة يتم اختيار الأشد تطرفاً منهم للجهاز الخاص. لقد عملت الجماعة على تحسن صورتها أمام الرأي العام عقب النجاحات التي حققتها الجماعة خلال الانتخابات البرلمانية الأخيرة حيث تم تقديم وجوه مقبولة إعلامية وثقافية مثل الدكتور عبد المنعم أبوالفتوح والدكتور عصام العريان عضوا مجلس الإرشاد، واستخدامهم في رسم صورة وردية عن الجماعة، وأنها تحولت إلى حزب سياسي مدني ذو مرجعية دينية، وراح العضوان يقدمان خطاب مدني يشابه إلى حد كبير خطاب بعض القوى السياسية الموجودة على الساحة، وأعلنت الجماعة على لسان العضوان السابق الإشارة إليهما إلى أنها لن تنقلب على الحكم، وأنها تلتزم بمبادئ الديموقراطية وقواعد اللعبة السياسية. والغريب أن قطاع كبير من المثقفين المختلفين فكرياً عن الجماعة صدقوا ادعاءات الجماعة وعملوا على تجميل صورتها، وتجاهلوا تاريخ الجماعة المتطرف، وعدم إعلان الجماعة عن تبرئتها من فتاوى التكفير والإرهاب والقتل، كما لم تقدم الجماعة اعتذاراً لكل المصريين عن مسئوليتها في أعمال قتل راح ضحيتها أبرياء مصريين، بل لم تصدر الجماعة وثيقة أو بيان تحدد فيه تحديداً لا لبس فيه برنامجها التفصيلي، ورؤيتها لنظام الحكم وكيفية حل المشكلات التي ستواجهها مصر في حالة وصول الجماعة للحكم، أو كيف ستتعامل مع حقوق مواطنة الأقباط. لم تنجح الجماعة في استمرار سياسة التقية -التصريح بأحاديث على غير ما تؤمن به الجماعة ذلك من أجل اجتناب الصدام مع الدولة- ولم يستطيع التيار المتطرف القابض على الجماعة الصبر والاستمرار في إخفاء خطط الجماعة، وجاءت تصريحات المرشد محمد مهدي عاكف صاحب الطظ في مصر مناقضة تماماً مع ادعاءات مدنية الدولة لجيل الوسط، عبر المرشد عن رفضه لرابطة المواطنة وأعلى من شأن الرابطة الدينية، وأعلن أنه يوافق على أن يحكمه مواطن ماليزي، وأنه إذا جاء الرئيس قبطي سيعمل فورتينة، وهو يصرح حالياً بأن أسامة ابن لادن مجاهد وأنه يوافق على ما يفعله. وللحديث بقية..

ليست هناك تعليقات: