الخميس، 29 مايو 2008

ثمن الصليب

بقلم- مجدي ملاك في سابقة هي الأولى منذ أحداث الزاوية الحمراء تمت عملية اغتيال مُنظّمة لصاحب محل مجوهرات حيث تم قتل صاحب المحل القبطي "مكرم عازر جميل" وثلاثة أقباط آخرين يعملون في نفس المحل، البعض يحاول أن يصوّر الجريمة باعتبارها جريمة جنائية قبل أن تكون جريمة طائفية، على الرغم أن القتلة لم يقوموا بسرقة أي من المجوهرات المتواجدة بالمحل بل تمت عملية القتل وفروا هاربين من مسرح الجريمة!!! وهو ما يعني أن هناك دوافع أخرى غير جنائية لتلك الجريمة، وإذا كنّا مطالبين بعد رد الجريمة للجانب الطائفي فعلينا أيضاً عدم ردها لأي جوانب أخرى غير الجنائية حتى يمكن البحث بدقة عن دوافع تلك الجريمة التي تجعل مجموعة من الملثمين يقومون بقتل أربعة أفراد دفعة واحدة، وإذا افترضنا أن هناك خلاف بين صاحب المحل وغيره من الأشخاص، فما ذنب قتل الثلاثة الآخرين الذين يعملون في المحل، لا يمكن أن نفسر ذلك سوى أنه رغبة انتقامية في القتل ولا يمكن أن نستبعد أن تكن هناك أسباب دينية دفعتهم إلى هذه الجريمة البشعة. ما يثير الدهشة في هذه الجريمة هي وقوعها في منطقة يكثر فيها عدد المسيحيين الأقباط، كما تقع بها أشهر كنيسة حيث كنيسة الزيتون التي ظهرت فيها السيدة العذراء من قبل، كما أن عدد السكان بها كبير وهو ما يصعب حدوث جريمة بهذه البشاعة في ظل منطقة ممتلئة بالسكان، وهو ما يعني أنها جريمة منظمة بكل المستويات وربما مخطط لها بشكل محترف، حتى أن البوليس لم يستطع مع ورود بلاغ له أن يغلق تلك المنطقة بالشكل الذي يساعده على إغلاق الطريق على الجناة مما يصعب من عملية هروبهم خارج المنطقة ومن ثم صعوبة القبض عليهم فيما بعد. لكل جريمة أبعاد، والمهم في أي جريمة هو دراسة أبعاد تلك الجريمة وما وراءها وهو أمر يجب أن تلتفت له السُلطات، فكثرة الاعتداء على أقباط في الآونة الأخيرة لابد أن له مدلول كبير وله عواقب كبيرة على العلاقات داخل المجتمع، وهو ما يجب الاعتراف به وعدم تجاهله ودراسته بشكل لا يضخم منه ولا يقلل من حجمه، والأخطر في هذه الجريمة أنها انتقلت من الاعتداء العشوائي باستخدام وسائل بدائية على الأقباط إلى استخدام وسائل أكثر تنظيماً وتأثيراً وهو ما يعني أن هؤلاء الأفراد لديهم تدريب عالي المستوى وتمويل كبير وهو ما يمكنهم من شراء رشاشات لقتل الناس بهذه الطريقة البشعة. من التمييز القانوني والتميز على أساس الدين إلى القتل كلها مؤشرات لها مدلول واحد أن الأقباط لا يمكن لأحد أن ينكر أنهم يعيشون في أزمة أو ما يمكن أن نطلق عليه "ضريبة الإيمان"، فالأقباط منذ زمن بعيد ومازالون يدفعون ضريبة إيمانهم واختلافهم عن غيرهم داخل المجتمع، ويتحملون ما يمر عليهم من اضطهادات في سبيل هذا الإيمان، وفي كل هذا يتوقف حجم الاضطهادات فقط على مدى ما يعمل من القانون في ذلك الوقت، ففي الوقت الذي يهتز فيه القائمون على القانون يكون الأقباط هم أول الضحايا وعندما تشتد قبضة الأمن تكون الخسائر فقط محدودة ولكنها تظل قائمة. إن استمرار الاعتداء على الأقباط هو في النهاية ثمن الصليب الذي دفعه كل قبطي منذ وجود المسيحية في مصر وحتى الآن، فلم تمر فترة في التاريخ المصري دون أن يكون الاعتداء على الأقباط هو واحد من أهم ملامح كل تلك العصور ليكون هذا هو ثمن الصليب الذي يجب أن ندفعه، فهل يظل الأقباط مطالبون بالدفع في ظل دولة غياب القانون أم يكون هناك حل آخر في القريب.

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

فى كل يوم يموت الكثير ولم يدعى احد انهم ماتو نتيجة الاضهاد لكن انتم مش عوزين حد فيكم يموت لافى حادث ولا فى