الأربعاء، 6 أغسطس 2008

و عادت دعاوي الحسبة و الحسبيون لتهدد مدنية الدولة

و عادت دعاوي الحسبة و الحسبيون لتهدد مدنية الدولة

لعل الكثير منا و خاصة غير القانونين لا يعرفون كثيرا عن دعاوي الحسبة او حتي المغزي من مسماها و ما هو المقصود بكلمة الحسبة او المحتسب هل لها اصل في القانون المصري و من الجهة المختصة بأقامة مثل هذه الدعاوي بعد تعديلات قانون المرافعات منذ اكثر من عشر سنوات او اكثر بعد الدعوي الشهيرة التي اقيمت علي استاذ الجامعة الدكتور حامد نصر ابو زيذ و جعلته يخرج خارج البلاد ليعيش في الغربة في هولندا هو وزوجته
بادئ الامر ان كلمة حسبة هي ألعمل لوجه الله سبحانه و تعالي انه الشخص يحتسب نفسه انه اختير نائبا عن الله ليدافع عن اوامره و نواهيه في مجتمع يتصور ان رأيه يرأس الدولة و الهيئة الاجتماعية فيتصور ان من حقه ان يقيم الدعاوي ضد كل من يراه انه يخالف الله او يعصيه في اوامره ومن يمتنع عن تنفيذ ما ينهي عنه الله لهؤلاء المحتسبين او رجال الحسبة هم بعبارة بسيطة تماما مثل الهيئة المعروفة في السعودية باسم هيئة الامر بالمعروف و النهي عن المنكر و مثل هؤلاء الاشخاص يغتصبون سلطة الهيئة صاحبة الدعوي العمومية التي تدافع عن المجتمع بنص القانون و هي النقابة العامة التي اناط بها المشرع سلطة اقامة الدعوي العمومية ففي نظرناان هؤلاء من يسمون انفسهم باصحاب دعاوي الحسبة هم في حقيقة الامر يغتصبون سلطة القضاء الحاكم و يبصبون من انفسهم ولاه و امراء و حكام و بالتالي هم عودة الي شريعة الغاب و اذا قلنا تحديدا هم اساس الدولة الدينية منكرون علي البلاد حقها في ان تعيش دولة مدنية بل ان هؤلاء حتي لا يغتصبون سلطة الحاكم و رجال القضاء فحسب بل يغتصبون سلطة رجال الدين و المؤسسات الدينية الرسمية في البلاد .
و لعل القصد من سرد هذه المقدمة حتي يعرف القارئ الي اي مدي خطورة وجود مثل هؤلاء الاشخاص و خطورة مثل هذه الدعاوي التي تهدد المجتمع في تركيبته الاجتماعية و تهدد النظام العام و يقوض الدستور فهناك من يرفع دعوي طالبا حبس فنانة عادت الي التمثيل بعد اعتزالها باعتبار انها فاسقة و كافرة و هناك من يرفع دعوي ضد مفتي الجمهورية لانه اصدر فتاوي لا تتعلق و لا تتوافق مع فكره و هوسه الديني و هناك من يرفع دعوي ضد فضيلة شيخ الازهر معتبره موظفا تابعا يؤتمر لامر الحكومة و لا يعمل بصحيح الدين و هناك من يرفع دعوي ضد البابا شنودة و المسيحين في مصر باعتبار ان المسيحية ليست ديانة و انما هي شريعة من الشرائع بل وصل الامر من المتبجحين المحتسبين انهم اقاموا دعوي سوف تنظر في الثاني من سبتمبر القادم طالبين فيها الغاء المذهب الارثوزوكسي من مصر و الغاء مسيحية اقباط مصر ( 15 مليون ) و الغاء رئاسة البابا شنودة للاقباط واحلال بدله في الرئاسة بابا الفاتيكان علي مسيحيي مصر وصل الامر الي رفع الدعاوي حتي علي المثقفين و المفكرين و رؤساء الصحف و النشطاء و الحقوقين فاتذكر منذ حوالي ثلاث او اربع سنوات و كنت قد القيت محاضرة في احدي المراكز الحقوقية عن مدنية الدولة و حتمية ذلك و كنت اركز علي الهوية المصرية وان كنا نعترف ونحمل الثقافة العربية و نعتز بها لكن مصريتنا يجب ان نكون اكثر اعتزازا بها فقامت الدنيا و رفع احد المحامين دعوي في كفر الشيخ او دمياط حسبما اذكر طالبا رفع و سحب الجنسية المصرية عن نجيب جبرائيل و طبعا هذه الدعوي رفضت شكلا و موضوعا و لكن قصدت بذلك ان اورد بعض الصور المأساوية التي سببها و لا يزال يسببها اصحاب دعاوي الحسبة و الحسبيون
و ان كنت قد اثرت هذا الموضوع اليوم بسبب خطورة مثل هذه الدعاوي و بسبب تغلغلهذا الفكر الخطير في المجتمع و بسبب ايضا النظر الي من هم لا صفة لهم و يعبثون بمقدرات هذا الوطن و من اين اتوا و من اين خرجوا و هل سوف يترك الامر لكل من يريد فقط ان يظهر علي صفحات الجرائد ان يهدد النظام العام لمصر اقول هذا بسبب الدعوي التي رفعت علي رئيس جريدة الدستور الاستاذ ابراهيم عيسي و الذي نسب اليه المحتسبون انه نشر و اشاع اخبار كاذبة عن صحة الرئيس و اضرت بلاقتصاد القومي و التي مازالت متداولة بالمحاكم و ايضا الدعوي التي رفعت علي رئيس مركز ابن خلدون الدكتور سعد الدين ابراهيم و الذي نسب اليه فيها انه اساء الي سمعة مصر و انه يسعي لتقليل او حجب المعونة الامريكية عن مصر و التي قضي فيها منذ ايام بحبسه سنتين مع الشغل و كفالة عشرة الالاف جنيه وهو خارج البلاد .
و لعلي اسمح لنفسي كرجل قانون و رئيس منظمة حقوقية ان استطلع الاتي :
1- بادئ ذي بدء لست هنا في مقام الدفاع عن رئيس تحرير جريدة الدستور و ان كان لي شرف الدفاع عنه باعتباره مواطنا مصريا يجب صون حريته و عدم مصادرة فكره بصرف النظر عما نشره و عما اذا كان ذلك مؤثما من عدمه
2- و لست هنا ايضا بصدد الدفاع عن الدكتور سعد الدين ابراهيم فهو يملك من مقومات الدفاع عن نفسه اكثر ممن يملك غيره و ايضا لست متفقا او مختلفا في فكره و رأيه فلكل منا توجهاته و سبله لحل مشكلة المواطنة و ان كنت اصر علي اننا نربأ جميعا بمن فيهم سعد الدين ابراهيم من اي اساءة الي سمعة مصر بل نحن نقف اسودا مفتدين مصر و عزتها بارواحنا و مهما كلفنا ذلك
3- و لكني اليومفي معرض الدفاع عن نظام مصر الاجتماعي و اطار النظام العام و مؤسساتها الدستورية كمواطن يري ان احترام القانون هو واجب وطني و انه لا يجوز لاحد منا ان يختصب سلطة القضاء او النيابة العامة مهما كان مراده شريفا او خبيثا .
4- ان تعديلات قانون المرافعات منذ اكثر من عشر سنوات و قد اعطت سلطة النيابة العامة وحدها دون سواها الحق في تحريك الدعوي الجنائية فيما يقال عن دعاوي الحسبة بعد الواقعة الشهيرة في القضية التي اساءت لسمعة مصر و المصريين و هي قضية التفريق التي رفعت من احد الاشخاص علي الدكتور حامد نصر ابو زيد للتفريق بينه و بين زوجته فاستشعرت الدولة ان اخطارا كثيرة باتت تهددها من المحتسبين او الحسبيون مثلا يمكن ان نري قضية ترفع علي سيدة غير منقبة او غير محجبة بانها فاسقة او ان ترفع قضية علي زوجة تدخل مع زوجها احد الملاهي الليلية بانها فاجرة تنشر الرزيلة لابد من استأصالها من المجتمع او ان مريضا او غير مسلما كان جائعا او عطشانا فاكل شيئا او شرب مياه في رمضان بانه ينشر الفتنة فلابد من حبسه او سجنه قد يمكن ان يصل الحال الي اكثر من ذلك خطورة فاذا ماادعي شخصا انه رأي اخر ينطق بالشهادتين( طبعا هذا الاخر غير مسلم ) ثم انكر هذا الاخر نطقه بالشهادتين طبقا لاصحاب هذه الدعاوي ان يرفعوا دعوي لانزال الحد عليه و هكذا يتردي المجتمع فيما يسمونه بدعاوي الحسبة و الحسبويون و لكن هل لذلك علاج ........؟ انني اقترح الاتي :
1- ان يتم تفعيل القانون في مثل هذه الدعاوي التي ترفع من غير السلطة المختصة و هي النيابة العمومية فتقضي المحكمة من اول جلسة بعدم قبول الدعوي لرفعها من غير ذي صفة
2- ان يتم القضاء في ذات الحكم بغرامة علي من خسر دعواه لا تقل عن عشرة الاف جنيه حتي لا يستمرأ كل من تسول له نفسه و يحب الظهور ان يضر بالشرفاء و الابرياء و ان يعطي هذا الحكم نفسه حق من رفعت عليه الدعوي التعويض من المحكمة المدنية المختصة او يقضي بالتعويض في ذات الحكم مع الغرامة
3- اذا ما عاد و تكرر رفع الدعوي علي اي شخص من ذات الشخص ان يتم تقرير عقوبة بالحبس مدة لا تق عن ثلاثة اشهر بحسبان انه قد قصد و تعمد نية الاضرار بالغير و بالمجتمع
4- ان تعلن الدولة صراحة تبرأها و تضررها قبل رافعي هذه الدعاوي لا لان تسكت و تصمت لان بصمتها هي تنكر الدولة المدنية و تهدد قاعدة الحريات تلغي مضمون المواطنة و ان دستورهااصبح ملهاة في ايدي العابثين من الحسبيون
مرة اخري تحية لضحايا دعاوي الحسبة و اشادة بالغة بمنظمات العمل المدني لوقوفها ضد هذا التيار الذي سهلت له الحكومة ارضا خصبة لينوم و يترعرع فيها و نحو نضال حقوقي اكبر لوقف هذه الهجمة الشرسةالتي قصد منها اولا و اخيرا كبت الحريات و تكميم الافواه خشية انكشاف الظلام و سطوع الحقيقة .

Nag_ilco@hotmail.com
القاهرة في 4/8/2008

ليست هناك تعليقات: