السبت، 21 يونيو 2008


مطالبات قبطية للدولة بعدم التنازل للكنيسة بحجة الأحداث الطائفية
21/06/2008 - 08:26:00 CEST
روز اليوسف - سيد غنام ربما، لم يكن ناجح إبراهيم، عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية، يتوقع، حين عكف على كتابة بيان الجماعة «تأملات فى المسألة القبطية»، ردود الفعل القبطية العنيفة، التى ترتبت على إعلان «رأى» الجماعة الإسلامية فى الأحداث الأخيرة، وإلقائها بمسئولية التصعيد على الكنيسة والبابا شنودة، لمحاولتهما القيام بدور مواز لدور الدولة والانغماس فى العمل السياسى، بعيدا عن دور الكنيسة الروحى والتربوى، مما دفع الكثير من أقباط الداخل والخارج إلي النبش فى دفاتر الجماعة الإسلامية القديمة ولسان حالها يقول: «إن كنت ناسى.. أفكرك»! وصفت منظمة أقباط أمريكا بيان «الجماعة الإسلامية» فى مصر، بشأن الأحداث الأخيرة، بأنه سقطة جديدة من سقطات هؤلاء المتشددين وقالت فى بيان لها كتبه فتحى فريد بعنوان كذب المتأسلمون وإن صدقوا: إنهم طوال الوقت يتحدثون باسم الإسلام وكأنهم قد أخذوا الوكالة من الله لإدارة شئون البشر، بل ارتفعوا أعلى شأنا من هذا، وصار كل منهم يحمل بطاقة مدون بها فى خانة الوظيفة المهنة «توكيل عام من الله لإدارة الشئون الإسلامية»، وجاء رد المنظمة القبطية عنيفا ومتجاوزا فى أغلب فقراته، حيث قال: «الغريب أنهم بعدما أنهوا ما يسمى بالتراجعات وليست المراجعات باتوا يلهثون خلف أقدام الدولة كل يوم، وعقب كل صلاة من أجل الحصول على وفرة من المكاسب من ولى النعم، ولكن هذه المرة الصفقة فاحت رائحتها الكريهة.
ورأى د. ناجح إبراهيم عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية، وواضع بيانها الأخير، محل الجدل، أن موقف الجماعة الإسلامية مما يجرى من أحداث، لا يعتبر إعلان موقف من الأقباط لأنه معروف سلفا وكتب عنه بالتفصيل، بما يحمل الخير لكل الناس وليس للأقباط فقط، وأكد عصام دربالة القيادى البارز فى الجماعة أن موقف الجماعة من الأقباط إيجابى وليس سلبيا، لأن الجماعة الإسلامية لا تنظر إلى الأقباط على أنهم كتلة واحدة، يجب اتخاذ موقف موحد تجاههم، ففيهم الأرثوذكس والكاثوليك والبروتستانت والأرمن والإنجيليون،كذلك بالنسبة لأقباط المهجر، منهم المحب لبلده وللكنيسة ومنهم من يستقوى بالخارج ضد مصالح وطنه لتحقيق مكاسب شخصية، وأولئك وهؤلاء ندخل معهم فى حوار نوضح لهم حقيقية ما يجرى فى مصر وما يجهلونه من مخططات تريد النيل من وحدتها، إن كانوا يجهلون!، وأكد دربالة أن الحوادث الأخيرة عارضة تحدث للمسلم قبل القبطى، وبعضها لايزال قيد التحقيق ولم يستدل على فاعله، لكنها كشفت خللا هائلا فى علاقة الأقباط بالدولة وبالمجتمع، رغم كونهم جزءا منهما، عبر رد الفعل الذى يعكس استنفارا دائما وتحفزا غير مبرر من جانبهم، يشير إلى تعمدهم التصعيد لابتزاز الدولة للحصول على مكاسب ليست من حقهم.
وأوضح دربالة أن الحالة بين المسلمين والمسيحيين فى مصر حالة توافق، قد يشوبها سوء تفاهم فى بعض المواقف، يعمل على تصعيده بعض المغرضين، حتى من داخل الكنيسة، من الذين تربطهم علاقات بأقباط الخارج، للدرجة التى جعلت بعضهم يطالب بوش بالتدخل لرفع الظلم الواقع على الأقباط فى مصر، حسب زعمهم! وقال دربالة: إذا كان المسيحيون يطالبون بتنقية التيارات الإسلامية من المتطرفين، فنحن كذلك نطالب الكنيسة بتنقية الأجواء المسيحية من المتطرفين الذين علت نبرتهم فى الآونة الأخيرة، مهددين بورقة الخارج وتدويل المسألة القبطية، فى لعبة ابتزاز واضحة للدولة لتحقيق مكاسب خاصة، وهو ما يتكرر مع كل حادثة يكون أحد أطرافها مسيحى، وهو ما نشدد على خطورته، كما هو معلوم، لأن الأمريكان البروتستانت لن يكونوا أحن على المسيحيين الأرثوذكس من الدولة المصرية.
واستغرب دربالة موقف بعض المسيحيين الذين يحاولون تحويل الأحداث الأخيرة إلى فتنة طائفية، مؤكدا أن هذا هو موقف الضعيف الذى وجد مسلما مقتولا، فلم يتحدث عن حقه ومن المسئول عن دمه، وراح يحول المسألة على أنها اعتداء مخطط على الرهبان، فى حين أن المسألة كلها نزاع على الأرض المحيطة بالدير وهى أرض مملوكة للدولة وشدد دربالة على خطورة طرح الكنيسة نفسها بديلا عن الدولة أو فى موقف مواز لها، وهو ما ظهر فى عدد من المواقف الأخيرة مثل موقف الكنيسة من قانون الأحوال الشخصية وفرض شروطها الستة للتصالح، الأمر الذى يشعل شعور الأقباط بأنهم خارج سلطة الدولة وقوانينها، وهو ما يعمق الشعور لديهم بأنهم أقلية تتعرض للاضطهاد.
من جانبه، قال د. ميلاد حنا: الجرائم التى وقعت تدل على أن هناك تقصيرا من جانب الأجهزة الأمنية فى حماية الممتلكات والأرواح سواء كانت مسلمة أو مسيحية، واستبعد احتمال وجود ترتيبات إرهابية فى هذه الحوادث، حيث أكد أن القبطى الذى يتلصص على زوجة جاره يرتكب خطأ لا يغتفر فى الصعيد، ولفت إلى أن حادث دير أبو فانا فى محافظة المنيا يدل على قصور فى تأمين الأماكن والممتلكات وطالب حنا باستبعاد البعد الطائفى فى هذه الأحداث، كما رأى عدم الجدوى من الحديث عن وجود أياد أجنبية وراء ما يجرى، كما استبعد فكرة أن تكون الأحداث مفتعلة لمد العمل بقانون الطوارئ، وقال إن الحكومة قوية ويدها على كل شىء بقوة ولذلك هم ليسوا بحاجة إلى مبرر لمد قانون الطوارئ. وأشار نجيب جبرائيل مستشار البابا شنودة إلى أن مطالب بعض الأقباط بضرورة تدويل أزمتهم قد يتم اللجوء إليه خلال المرحلة المقبلة، كما أشار مصدر بارز فى الكنيسة إلي أن كبار الأساقفة فى انتظار عودة البابا شنودة بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية من الولايات المتحدة من أجل إقناعه بأن يسافر للعزلة بالدير البحرى ومن المعروف أن إعلان البابا العزلة فيه إشارة صريحة لعدم رضاه عن الأوضاع ومطالبته قوى الحكم بأن تعمل على تصحيح الأوضاع التى أسفرت عن غضب الأقباط. وهو ما رفضه المفكر القبطى جمال أسعد الذى حذر الحكومة من محاولة استغلال البعض للحوادث التى تعرض لها بعض الأقباط من أجل تقديم التنازلات للكنيسة من خلال الإدعاء بتمييز الأقباط عن غيرهم.
وأكد د. رفعت السعيد رئيس حزب التجمع أن الشعور الطائفى موجود ولا داعى لإنكاره بل يجب التعامل مع الأمر الواقع بشكل أكثر إيجابية، فليس الحل فى هذه المشكلة أن ننكر وجودها من الأساس، مشيرا إلى أن الدولة تتحمل قدرا كبيرا من المسئولية فى علاج هذا الشعور الطائفى، ولا مجال لإنكاره أو التسويف فى التعامل معه على أنه حقيقة حتى لا تسوء الأمور وندخل منعطفا خطيرا أشبه بأجواء الفتنة الطائفية التى لاحت فى نهاية عصر السادات. الأنبا يوحنا قلتة أعادنا إلى بيان الجماعة الإسلامية، بقوله: «هؤلاء هم الذين هاجموا محلات الذهب القبطية واستحلوا أموالهم ودماءهم، فلماذا يتحدثون اليوم؟ وعن أى شىء يتحدثون؟ عن قوة الأقباط التى تجعلهم فى موقف مواز لموقف الدولة، فأين هى هذه القوة؟ هل لدى الأقباط سلاح أو مال يؤهلهم لذلك؟ كما أن هناك عدة تساؤلات أخرى تحتاج إلى إجابة، عما إذا كانت مجرد صدفة أن تشهد مصر خلال فترة وجيزة أربع حوادث مرتبطة بالأقباط، حيث شهدت القاهرة والإسكندرية والمنيا أحداث عنف وأكد قلتة أن الاحتقان موجود بين المسلمين والأقباط، بسبب ما وصفه بضعف الإجراءات التى يجب أن تتخذهها الدولة لإزالته، عبر مناهج التعليم ولغة الخطاب الإعلامى، مشيرا إلى أن الدولة تتعامل مع الاحتقان الطائفى كما تفعل النعامة، فتدفن رأسها فى الرمال وكأنها لا ترى شيئا!

ليست هناك تعليقات: